أسلوب محاكمة الخبير هو الأسلوب الأول من أساليب تقييم مدة التسليم لدى شركات التطوير البرمجي، وهو الأسلوب الذي سنستعرضه في هذه المقالة، ضمن سلسلة مقالات عن (تقدير زمن التسليم في المنتجات الرقمية).
استعراض أساليب التقدير المختلفة
كنا قد ذكرنا في مقالة سابقة جملة من المحاور التي سنغطيها في هذه السلسة وهي:
- أساليب التقدير المختلفة.
- إيجابيات وسلبيات هذه الأساليب.
- التقدير بأسلوب الإدارة الرشيقة – أجايل.
واليوم نبسط لك القول عن الأسلوب الأول من أساليب تقدير زمن التسليم للمنتجات الرقمية، ألا وهو أسلوب محاكمة الخبير، ويعرف أيضاً بمسمى: طريقة تقدير الخبير.
من هو الخبير؟
الخبير: شخص لديه خبرة طويلة في المجال التقني، ويُفترَض أن تمنحه هذه الخبرة أفضلية التنبؤ، أو توقّع الوقت اللازم، لإنجاز مهمة ما.
محاكمة الخبير على مستوى المشروع
عادةً ما تُطلب استشارة الخبير بداية المشروع الرقمي؛ في تلك المرحلة، تكون المتطلّبات غير واضحة، أو عامّة جدّاً وغير مفصّلة بما فيه الكفاية، وهذا أمر اعتيادي.
كيف تصبح خبيراً في 3 خطوات بسيطة ؟
المدهشُ أنّ هذا الخبير المخضرم لن تعدو إجابته واحداً من 3 احتمالات عند سؤاله عن تقدير زمن التسليم في المنتجات الرقمية، وهذه الإجابات هي:
- 3 – 6 أشهر.
- 6 – 9 أشهر.
- 9 – 12 شهراً.
ومن الظّاهر جدّاً جدّاً أن كل هذه الإجابات والتقديرات فضفاضة وواسعة وسع البحر وأكبر!!
بعبارة أخرى، إذا أردت أن تكون خبيراً في التقييم لا يُشقّ لك غبار، فاحفظ الإجابات لثلاث الآنفة، وستجد نفسك قادراً على توفير تقدير مناسب لأي مشروع في حوارك مع زبونك القادم، سواء أعرفت عمَّ تتحدث أم لم تعرف!
هل أسلوب محاكمة الخبير يجدي نفعاً؟
لا تستخدم أسلوب محاكمة الخبير عندما تريد قيمة مطلقة؛ لأنّ هذا ضرب من الخيال ولن يقوم أي خبير حقيقي بإعطائك تقديراً زمنياً دون أن يذكر العبارة السحريّة:
“هذا تقدير تقريبي”
لأنّه يعلم تماماً طبيعة مشاريع تطوير البرمجيّات، وكل ما سيدلي به، لا يعدو سرد كثير من التحديات التي -بخبرته- يعلم أنّها ستواجهه أثناء المشروع.
إذن، تقدير الخبراء هو تقدير غير دقيق، ولا يُبنى عليه حساب التكلفة للمشروع مثلاً، لأنّ احتمال الخطأ في هذا النوع من التقييم هو 100%!
فلا يُبنى عليه تكلفة، أو قرار محوري، لكن المهم أن تكون هذه الحقيقة واضحة لجميع الأطراف في المشروع.
لا فائدة ترتجى من محاكمة الخبير؛ لأنّها لا تفيد بأي قرار فعلي على مستوى المشروع، ولا يجب أن تستخدم كعامل رئيس في تقدير زمن التسليم للمنتجات الرقمية.
محاكمة الخبير على مستوى المهام
شخصيّة الخبير بصفته أحد أفراد الفريق، تعكس خبرة طويلة؛ لذا نتوقّع منه أن يصيب دوماً في تقدير الزمن اللازم للمهمّة.
تقدير الخبير في هذه الحالة تغلب عليه الدقّة في المهامّ الصغيرة، من فئة ساعتين أو 3 ساعات على أبعد تقدير، مثل:
- مهمات CRUD لقاعدة البيانات.
- تقرير روتيني.
- إصلاح عثرة Bug صغيرة محدودة.
لكن على الرغم من دقّة تقدير الخبير ههنا، فقد لا نستفيد منها فعلياً، أو يُساء استخدامها..
- الخبير عادةً لن يقوم بأداء هذه المهمّة بنفسه، بل سيسندها لمطوّر برمجيات أقل خبرة.
- وطالما أنّ الخبير لن يقوم بهذه المهمّة، فما الفائدة من أن يقيّم هو هذه المهمة؟!!
سلبيات أسلوب محاكمة الخبير
عند استعمال أسلوب محاكمة الخبراء على مستوى المهام فحسب، فإن الضرر من تقييم الخبير جاء على مستويين:
الضرر الأوّل: ضرر نفسي للشخص ذي الخبرة الأدنى
ما يعرف بمتلازمة المحتال، فقد يشعر المطور صاحب الخبرة الأقل بأن المشكلة في شخصه أو مهاراته، لأنه غير قادر على التنفيذ ضمن الوقت المقدر من قبل الخبير.
أو قد يتمرّد المطور المبتدئ لأنه يشعر بالظلم أو العجز، وبالنهاية يكون هو الضحيّة لأنّه الحلقة الأضعف!
فهو غير خبير، وسيكون تقييم الإدارة له أنّه متخاذل، أو لا يريد أن يتعلّم، وقد يخسر وظيفته فعلياً.
الضرر الثاني: ضرر على مستوى احتساب التقدير
بعبارة أخرى: قدرة الخبير على إنجاز المهمّة خلال ساعتين لم تفدنا بشيء حقيقة في احتساب كم سيلزمنا وقت لانجاز المشروع.
خلاصة القول:
تقدير محاكمة الخبير ضمن فريق تطوير البرمجيات، هو أمر أساسي جدّاً، ولكن يُساء استخدامه. نحنُ بحاجة إليه، لكن بشرط أن نحسن توظيفه بطريقة أفضل.
إذن هل ثمة أساليب أخرى لتقدير زمن التسليم في المنتجات الرقمية؟ بالطبع، وسنتعرف عليها في مقالاتنا التالية فترقّبونا.