عزّزت منهجية أجايل في مبادئها مرونة فريق العمل، كما أكّدت على أنّ زيادة فاعلية الفريق عبر الضبط المستمر لسلوكه، سيقلل من الأخطاء ويزيد من جودة المنتج الرقمي.
وتحقيق هذا الأمر يدل على قدرة الفريق على التكيّف مع التغييرات التي تحدث فجأة أثناء تطوير المنتج الرقمي.
لذلك يدعو المبدأ الثاني عشر من إعلان مبادئ أجايل إلى ضرورة القيام بمراجعات منتظمة لمراقبة أداء فريق العمل، وتحسين فاعليته بشكل أكبر، وهذا ما جاء في نص المبدأ الأخير من مبادئ الأجايل (الإدارة الرشيقة):
At regular intervals, the team reflects on how to become more effective, then tunes and adjusts its behavior accordingly
يراجع فريق العمل على فترات منتظمة كيف يصبح أكثر فاعلية،
ثم يدقق ويضبط سلوكه وفقاً لذلك
وصلنا لنهاية رحلة مبادئ أجايل الاثني عشر، من سلسلة مقالاتنا “دليل أجايل في المنتجات الرقميّة“، وسنسلّط الضوء في هذه المساحة على زيادة فاعلية الفريق؛ من أجل تطوير منتج رقمي بسرعة وبأخطاء أقل.
ماذا تعني زيادة فاعليّة الفريق؟
يمكن فهم هذا المبدأ عبر عدّة نقاط، تتمثل فيما يلي:
1- فريق العمل ذاتيّ التنظيم
لا يمكن أن يكون فريق العمل ذاتيّ التنظيم إلا إذا كان قادراً على ضبط سلوكه وتقييم نفسه بنفسه، وتطوير آليات عمله بشكل مستمر، وبالتالي زيادة فاعليته أكثر.
2- اجتماع تقييم العمل Retrospective
حيث أنّ تبنّي فكرة اجتماع Retrospective ضمن منهجيّة سكرم أو أية آليّة عمل أخرى، سيسهم في زيادة فاعليّة الفريق؛ عبر النشاطات المختلفة التي تُقام فيه.
3- تعزيز الإدارة الذاتيّة
إذ يمكن تعزيز الإدارة الذاتيّة للفريق، من خلال السماح لأفراده بالمساهمة والتأثير على منهجيّة العمل المُتّبعة.
4- التحلّي بالشفافيّة
يتطلّب ضبط سلوك الفريق تحلّي أفراده بالشفافيّة؛ حتّى يتيح معرفة جميع الأخطاء التي قد تؤثر على النتيجة النهائية للمنتج الرقمي.
يقول كين شوابر(Ken Schwaber) مؤسس منهجية سكرم:
“سكرم مثل حماتك (والدة الزوج/ الزوجة) تشير إلى جميع أخطائك”
5- سوء فهم أجايل
يقول Uncle Bob C. Martin:
“لا نطبق أجايل لكي ننجز بسرعة، ولكن نطبق أجايل لنعلم مدى سرعتنا”.
“We don’t do Agile to go fast, We do Agile to know how fast you are going”
وقد وضّح العم بوب أحد المؤسسين السبعة عشر لإعلان أجايل، ومؤلف كتاب Clean Code وكتاب Clean Architecture، أنّ أجايل لا تعني السرعة كما نعتقد، بل تعني معرفتنا بمدى سرعتنا؛ حيث أنّها جاءت لتكشف عن جميع الأخطاء، بأقرب وقتٍ ممكن كي نتمكّن من معالجتها.
وبالتالي سيعلم صاحب القرار بهذه الأخطاء باكراً. وبناءً على البيانات التي جُمعت عن الفريق وسرعته؛ سيترتّب عليه اتخاذ إجراءات إداريّة، تلائم سرعة الفريق مع شروط وظروف المشروع.
وإنّ مشكلة تعثّر المنتجات الرقمية وضعف دقّة التقدير الزمني، لا تقع على كاهل مطوري البرمجيات فحسب، بل هي مشكلة إداريّة يمكن تفاديها عبر تنفيذ دورات عمل بشكل دوري، وهذا سيمنح الإدارة فكرةً عن سرعة الفريق (Team Velocity)، وبالتالي التنبؤ بالوقت اللازم لإنهاء المشروع بدقة أكثر.
6- مستويات التغيير
تتوفر 3 مستويات رئيسة في كل عملية تغيير للأعمال، ترتبط بها المشكلات والتحديات والأخطاء، ألا وهي:
1. المستوى الفكري (Mindset)
وهو المستوى الأكثر أهمية؛ حيث يعد نقطة الانطلاق لأي تغيير يجري في العمل، ومن دونه لن تنفع أية عملية تغيير في المستويات المتبقيّة.
2. مستوى المهارات (Skills)
لن يكفي التغيير في المستوى الأول إذا لم تتوفّر المهارات اللازمة للقيام به.
3. مستوى الأدوات والإجراءات (Tools and processes)
في هذا المستوى، تلزمنا الأدوات والإجراءات المناسبة لرفع أداء الفريق، وذلك بعد امتلاك الفكر السليم والمهارات الداعمة له.
جدير بالذكر إنّه ينبغي ترتيب هذه المستويات، على سبيل المثال: لا يمكن البدء بالمستوى الثالث مباشرة لأنه أكثر سهولة في تحديد المشكلات وحلّها بسرعة، فهو بذلك لن يحلّ المشكلة من جذورها، بل سيكتفي بمعالجة الظاهر منها فقط.
7- مدرّب أجايل أو سكرم ماستر
يسهم مدرّب أجايل، أو سكرم ماستر، بفعالية في عقد اجتماع تقييم العمل Retrospective، وتحديد قدرة الفريق على تقييم نفسه بشكل صحيح.
وتحقيق هذا المبدأ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدور سكرم ماستر أو مدرّب أجايل، الذي يضطلع بدور رئيس في زيادة فاعليّة الفريق.
كيف نحقق زيادة فاعليّة الفريق وفق مبادئ أجايل؟
يجري تطبيق هذا المبدأ من خلال عقد اجتماعات دوريّة من حين لآخر لمناقشة آليات العمل.
فضمن إطار العمل سكرم (Scrum Framework) يُقام اجتماع (Retrospective meeting) بنهاية كلّ دورة عمل، فما هو هذا الاجتماع؟ وكيف يتم إجراؤه؟
عادةً ما يجري طرح 3 أسئلة رئيسة في اجتماع (Retrospective):
- أي الأمور سارت على ما يرام، وانعكست بشكل إيجابي على سير العمل؟
- هل يوجد حالات التي لم تسر كما ينبغي، وانعكست بشكل سلبي على العمل والنتائج؟
- ما هي اقتراحات أفراد الفريق التي تسهم بتطوير آليات العمل؟
قد يستمر هذا الاجتماع لمدّة 3 ساعات، إن جرى عقده بعد انتهاء دورة عمل مدتها شهر كامل تبعاً لدليل سكرم الرسمي؛ حيث يجري فيه معرفة الأسباب الرئيسة لظهور أي معوّق، قد يعرقل سير العمل، وذلك عبر عدّة طرق بسيطة، وهي:
1- اسأل لماذا؟ 5 مرات Five Whys
تعد هذه الطريقة من الطرق المبسّطة لمعرفة الأسباب الجذريّة لكل مشكلة.
2- مخطط إيشيكاوا Fishbone Diagram
تساعد هذه الطريقة على تصنيف المشكلات والأسباب وترتيبها ضمن مخطط توضيحي، أو رسم واضح للجميع على شكل سمكة؛ إذ يمثل الرأس الظاهرة أو المشكلة، بينما تمثّل العظام المسببات المؤدية لها.
3- نشاط ROTI
يقام نشاط ROTI ((Return On Time Invested في نهاية دورة العمل أو الاجتماع في الفريق، ويهدف لمعرفة آراء المجتمعين حول الفائدة التي حصلوا عليها من اجتماع (Retrospective) وعادةً ما يجري تنظيمه من قبل مدرّب أجايل أو سكرم ماستر.
كيف يمكن لمدرّب أجايل أو سكرم ماستر، أن يتعرف على الفريق أكثر؟
يجري ذلك من خلال عدّة طرق تفيد مدرّب أجايل أو سكرم ماستر في التعرّف على الفريق بشكل أكثر أقرباً، هي:
1- نشاط ESVP
نشاط سريع يُقام في اجتماع تقييم العمل (Retrospective) ويهدف لقياس تفاعل ومشاركة أعضاء الفريق فيه، وينظّم من قبل مدرّب أجايل أو سكرم ماستر أو غيرهم.
يدلّ اسم النشاط على وصف 4 شخصيّات من أفراد الفريق بشكل مختصر، وهم:
1- المستكشف Explorer
الشخص المهتم بالاجتماع، والمتطلّع لتعلّم المزيد عن آليات العمل وتطويرها.
2- المتسوّق Shopper
الشخص المستمتع بالاجتماع، ويرضيه الحصول على معلومة جديدة فقط من النقاشات التي تدور فيه.
3- المصطاف Vacationer
هذا النوع من الأشخاص، يعد الاجتماع استراحة فقط، ولا يكترث للنقاشات وعمليّة تبادل الأفكار التي تحدث فيه.
4- السجين Prisoner
الذي يرى نفسه مُجبراً على حضور اجتماع لا فائدة ترتجى منه بنظره، ويتمنّى فعل أي شيء آخر عوضاً عن المشاركة فيه.
لذا ينبغي لمدير الفريق معرفة أكثر أنواع الشخصيّات انتشاراً في الفريق، بهدف المحافظة على ثقافة مهنية سليمة، وتطوير وتحسين بيئة العمل، وهو الهدف من عقد اجتماع (Retrospective).
لذلك من الأفضل أن يخوض مدرّب أجايل أو سكرم ماستر نقاشات مع الشخصيات التي تعتبر الاجتماع أمراً لا طائل منه، أو مجرّد عطلة للاستراحة من العمل، علّه يتمكن من تحديد ومعالجة الأسباب خلف تبنّيهم لوجهة نظر سلبية تجاه هذا الاجتماع.
2- Tuckman’s stages of group development
نظريّة تم تأليفها من العالم المتخصّص بأبحاث علم النفس بروس توكمان، تحتوي على 4 مراحل؛ تهدف إلى تطوير العمل الجماعي في الفريق:
1- مرحلة التشكّل
يجري فيها تعرّف أفراد الفريق على بعضهم البعض، ومعرفة المشروع والأهداف والتحديات التي سيواجهونها.
2- مرحلة التصارع
تتميّز هذه المرحلة بالخلافات والنقاشات المختلفة بين أفراد الفريق، لاسيما في ظل اختلاف الآراء ووجهات النظر.
3- مرحلة التوافق والانسجام
تختفي الصراعات، وتظهر حلول المشكلات، في جو يسوده التعاون والتفاهم.
4- مرحلة الأداء المرتفع
يركز الفريق خلالها على الأهداف المحدّدة، ينتج عن ذلك زيادة الإنتاج العام، فضلاً عن تطوّر قدرة أفراد الفريق على معالجة كافّة المشكلات، واتخاذ الإجراءات اللازمة دون العودة إلى الإدارة.
التركيز على الإنجاز المميّز وانتخاب بطل الدورة
من الطبيعي أن يسود الاجتماعَ نوعٌ من التوتر والاختلاف بين الآراء، ولا بأس بذلك إذا كان ضمن حدود المهنة، وهدفه معرفة المشكلة وليس رمي المسؤولية من طرف لآخر.
فعادةً ما يتم التركيز على الإنجازات الإيجابيّة التي قام بها الفريق؛ في محاولة لتخفيف التوتر الناتج عن النقاشات أثناء الاجتماع، وانتخاب بطلٍ للدورة Sprint Hero عن طريق التصويت من قبل جميع أفراد الفريق.
أمثلة عن تحدّيات شائعة مع حلولها
قد يواجه فريق التطوير بعض التحدّيات التي تعرقل عمليّة تطوير المنتج الرقمي، وفيما يلي بعض المشكلات الشائعة وكيفيّة حلها:
1- متطلبات غير واضحة
يجري حل هذه المشكلة من خلال:
- تدريب مالك المنتج على تنظيم خارطة المنتج بشكلٍ تدريجي، مثل قصص المستخدم أو عناصر باكلوغ.
- تنفيذ اجتماع التخطيط بحضور مالك المنتج وأفراد فريق التطوير في بداية دورة العمل، وفي حال عدم استخدام دورة عمل محددة، ينبغي القيام به كلما دعت الحاجة لذلك.
- تفعيل دور مطوري ضمان الجودة (QA) في كتابة شروط القبول لكل واحدة من المتطلّبات (Acceptance Criteria).
2- تقدير زمني غير دقيق
يمكن تفادي هذه المشكلة عبر:
- تقسيم وتجزئة قصص المستخدم الكبيرة؛ لتبسيط حدود العمل لكل قصّة مستخدم، وتقليل هامش الخطأ بالتقدير الزمني.
- استخدام Spike عند وجود متطلبات يلزمها بحث تقني أكثر؛ لمعرفة طريقة تطبيقها وتطويرها برمجياً، وبالتالي تطوّر قدرة الفريق على تقدير الزمن اللازم لها.
3- عدم معرفة أفراد فريق التطوير للمهمات المطلوبة منهم
تتطلّب هذه المشكلة تفعيل دور فريق العمل ذاتيّ التنظيم، والابتعاد عن تلقّي المهمات من الإدارة، ومن الطرق المساعدة على تشكيل هذا الفريق، عقد اجتماع يومي بغياب المدير وبحضور سكرم ماستر؛ ليعرف طريقة الفريق في توزيع المهمات فيما بينهم.
4- أخطاء كثيرة ومتكررة (Bugs and defects)
يجري تفادي حدوث هذه الأخطاء عن طريق:
- تفعيل ملف الـDOD ، تعريف الإنجاز.
- التأكيد على مرحلة مراجعة الكود من قبل شخص آخر في الفريق.
- تفعيل إجراء البرمجة الثنائية في الفريق، وتجري عن طريق كتابة شخصين للكود معاً (Pair Programming).
5- انعدام التطوير في طريقة العمل
يكمن حل هذه المشكلة في:
- تفعيل اجتماع الأثر الرجعي (Retrospective)، والتركيز في كل مرة على أهم 3 إجراءات رئيسة وتطبيقها ثم متابعة النتائج.
- تفعيل دور سكرم ماستر.
في النهاية:
“اللوم ليس بسبب الفشل، بل بسبب الفشل في تقديم المساعدة أو طلب المساعدة”
“Blame is not for failure; it is for failing to help or ask for help”.
Jorgen Vig Knudstorp
عندما يواجه الموظّف مشكلة ما يعجز عن حلها، سيعلم أنّ من مصلحته طلب يد العون أو سيحاسب، لذا عليه ألاّ يتردد بطلب المساعدة.
كذلك الأمر بالنسبة للموظّف الذي بإمكانه مدّ يد العون، سيعلم أنّ من مصلحته تقديم المساعدة أو سيحاسب، وبالتالي لن يبخل بتقديمها.
وهذه الطريقة تعزّز من التعاون والشفافيّة بين أفراد الفريق، عندما تكون المصلحة والفائدة جزءاً من تقديم المساعدة أو طلبها، وبالطبع لا يجري التعاون بالإجبار، بل البيئة بحد ذاتها، تحتضن كلاً من المتعاونين والشفافين معاً، وترفض من ليس كذلك.
بهذا المقال نكون قد أنهينا الحديث عن مبادئ الإدارة الرشيقة الاثني عشر؛ حيث تناولنا في هذه السطور المبدأ الثاني عشر من مبادئ أجايل، كما أوضّحنا أهميّة زيادة فاعليّة الفريق.
أخبرنا عن رأيك في التعليقات أدناه، كما يسرنا الإجابة على كافّة استفساراتك عبر بريدنا الالكتروني.