يتطلّب المنتج الناجح التعاون اليومي بين المهنيين والمطورين؛ لتوحيد الآراء وبناء الثقة وردم الفجوة بينهما، ومنحه اهتماماً خاصاً في سبيل إتمامه على أكمل وجه، وهذا ما نصّ عليه المبدأ الرابع من إعلان أجايل: “ينبغي على رجال الأعمال والمطورين العمل معاً، وبشكل يومي، حتّى انتهاء المشروع”.
في المقال الرابع من سلسلة الإدارة الرشيقة سيكون بإمكانك التعرف أكثر على هذا المبدأ من أجايل، ومعرفة أهم الأدوات اللازمة لتنفيذه.
ماذا يتطلب تنفيذ المبدأ الرابع؟
في سلسلة مترابطة من المهام والنصائح، يمكننا القول إن من أهم متطلبات تنفيذ المبدأ الرابع من إعلان اجايل:
– وجود فريق واحد متعدّد الوظائف، يجتمع بشكل دوري.
– وظائف متعدّدة تشمل جميع المهارات والاختصاصات، التي تلزم لبناء المنتج الرقمي، بالإضافة للاختصاصات التقنية.
– كلمة المطوّرين لا تقتصر على مطوري البرمجيات، بل إنها تشمل مطوري المنتجات الرقميّة، وبالتالي متخصّصي التسويق، والتصميم، بالإضافة لفريق المبيعات، والدعم الفني.
– تجنّب العزل بين الاختصاصات في أقسام منفصلة للمشروع الواحد.
– تجتمع فِرَق الوظائف المتعددة بنهاية كل دورة عمل مع أصحاب القرار، ويجري عرض المهمات التي تمّ إنجازها؛ لأخذ التقييم (Feedback)، في إطار العمل سكرم؛ حيث يتم ذلك ضمن اجتماعٍ يدعى Sprint Review في آخر كل Sprint.
فائدة تطبيق المبدأ الرابع من الإدارة الرشيقة
– وجود أرضيّة مشتركة، وفهم مشترك للعمل المطلوب إنجازه.
– يزيد من قدرة فريق التطوير، في فهم وجهة نظر المستخدم النهائي الذي سيستخدم التطبيق، فكثير من المشاريع تتعثّر وتفشل بسبب وجود هوّة عميقة بين مطوري المنتج الرقمي وأصحاب القرار (Business side)، كما لو أنّ كل طرف يعيش في جزيرة منفصلة عن الآخر.
– يزيد ذلك من قدرة أصحاب القرار (Business side) على فهم التحديات والصعوبات التي يواجهها فريق التطوير، مما يجعلهم يقدّرون العمل المنجَز، بعد إدراكهم لحقيقة أنّ الطلبات التي تعتبر بسيطة وقابلة للتنفيذ بسرعة يلزمها وقت أكثر مما يتخيّلون.
– يوضّح وضع المشروع والمهمات التي أُنجزت، والتي لم تُنجز، وأسباب تعثّرها.
ما الذي يعنيه التعاون اليومي بين المهنيين والمطورين ؟
يواجه تطوير البرمجيات بعض التحديات الرئيسة التي تنعكس سلباً على النتيجة النهائية للمشروع، ومنها:
1- التواصل والحوار
تكمن هذه المشكلة في تركيز كلٍّ منهما على أمور معينة.
فينصبُّ تركيز المهنيين (العارفين بالمهنة) على:
- القيمة النهائيّة للمنتج بالنسبة للمستخدم الأخير.
- قراءة التقييمات (Feedback) من المستخدم.
- تحليل تفاعل المستخدم مع المنتج الرقمي.
- دراسة المشاكل وتضمين الحل في المنتج.
أمّا التقنيين فيوجّهون اهتمامهم إلى:
- صناعة الحل في المنتج.
- التأكد من جعل المتطلبات قابلة للاستخدام من قِبل المستخدم الأخير.
2- التحدّث بلغة مختلفة
يمكنك اكتشاف الخلل في أي منتج من خلال تعذر اتفاق وجهات النظر بين التقنيين والمهنيين، فإذا ما تحدّث كلا الطرفين بلغةٍ مختلفة، كان ذلك دليلاً لوجود فجوة كبيرة بينهما؛ حيث أصبح التواصل أمراً صعباً، وهو ما قد ينعكس سلباً على المنتَج.
ولبناء مشروعٍ قابلٍ للاستخدام، يجب أن يكون لدى التقنيين والمهنيين فهمٌ مشترك حول المشكلة، ومعرفة الحل المطلوب، وسبب اختيار هذا الحل، ثمّ تطبيقه بشكلٍ برمجي.
ومن هذا المنطلق نجد ضرورة ردم أي فجوةٍ بين الطرفين؛ لتجنّب حدوث الأخطاء، واتخاذ إجراء سريع عند حدوث أيّ طارئ.
كيفية تطبيق المبدأ الرابع من أجايل
ثمّة بعض النقاط المشتركة التي تعزز من التعاون اليومي بين المهنيين والمطورين؛ والتي يتمثل دورها في أن تمدَّ جسراً يصل بين كلا الطرفين، لتحقيق صناعة المنتج الذي يطمحون إليه على أتمّ صورة.
– مسميات وظيفيّة هجينة
مع مضي الوقت تطوّرت عدة مسميات وظيفيّة هجينة، جعلت من نفسها صلة الوصل بين التقنيين والمهنيين، بل أصبحت بذاتها جسراً واصلاً بين الاختصاصات التقنية أيضاً، كأهميّة DevOps الذي تحدّثنا عنه في المقال السابق (المبدأ الثالث)، وهو مثال حقيقي على الاختصاص الذي يجمع عدّة مجالات تقنيّة ضمن صفة المطورين.
-وظائف واختصاصات مشتركة:
- السيو (اختصاص يحتوي على جانب تقني بالإضافة لجانب المحتوى).
- مالك المنتج: على الرغم من كونه اختصاص مهني، إلا أنه من الأفضل أن يملك مالك المنتج مهارات واسعة في computer science.
- مسؤول البنية المعمارية (solution architect): هو شخص تقني، مسؤول عن البنية المعماريّة للمنتج الرقمي، بناءً على طلب المهنيين.
– كتابة المتطلبات بلغة مشتركة
تتطلّب كتابة قصة المستخدم لغة مشتركة، بالاستفادة من جلسات النقاش والحوار التي تعدّ من الإسقاطات العملية لهذا المبدأ، لكونها لغة موحَّدة تجمع بين المطورين والمهنيين.
فقصة المستخدم تبدأ من قبل العارفين بالمهنة، فهم من يعرفون حاجة المستخدم الأخير، والأقدر على توضيح القيمة النهائية (Business Value).
أما عن دور المطورين في النقاش، فيبدأ بتوضيح هذه المتطلبات، والتأكد من إمكانيّة تطبيقها على أرض الواقع؛ فيستفسرون عن بعض الأمور، ويؤثرون على حجمها وصياغتها، وهذا ما يسمى (grooming or refinement) أي التشذيب أو إعادة الترتيب.
إذاً؛ قصة المستخدم هي: لغة موحدة مختصرة، ترسّخ من وجود لغة مشتركة بين الطرفين.
ما فائدة التواصل اليومي؟
لعلّك تدرك الآن أهميّة Agile، التي جاءت لتستجيب لجميع التغييرات، عندما تحتاج لتوضيح جميع المتطلبات، أو عند وجود عائق تقني معيّن يمنع من تطوير الطلبات كما تمّ الاتفاق عليها، ومن هنا ظهرت ضرورة التواصل اليومي؛ لحل أي مشكلةٍ تعيق خطة التصنيع، وهذه إحدى أهم فوائد الاجتماع اليومي.
الخلاصة
إن تقديس الاختصاص أمرٌ خاطئ، كما أنّ فصل الاختصاصات بشكلٍ حادٍ في الشركة يمنع من رشاقتها، مؤثراً في ذلك على التعاون، وبالتالي سلباً على النتيجة النهائيّة (المنتج النهائي)؛ والتي لا تعبر عن حاجة المستخدم النهائي 100%.
ومن هنا نجد أنّ التواصل اليومي يزيد من رشاقة فريق العمل، ومن مرونته القادرة على الاستجابة ضد أي عائق أو تغيير يظهر فجأة.
وبعد قراءة هذه السطور؛ أخبِرنا عن رأيك بالمبدأ الرابع من مبادئ أجايل الذي ينصّ على التعاون اليومي بين المهنيين والمطورين، ضمن التعليقات أدناه.
كما بإمكانك طرح استفساراتك عبر البريد الإلكتروني.